ضع اعلان هنا

اخر الأخبار

الكنـــــــــز المفقـــــــــود




الكنـــــــــز المفقـــــــــود


قال الله تعالى:

" آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ( 285 ) لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين"(286).




   قوله تعالى : آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه
               روي عن الحسن ومجاهد والضحاك :
 أن هذه الآية كانت في قصة المعراج ، وهكذا روي في بعض الروايات عن ابن عباس ، وقال بعضهم : جميع القرآن نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم إلا هذه الآية فإن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سمع ليلة المعراج .
 وقال بعضهم : لم يكن ذلك في قصة المعراج ؛ لأن ليلة المعراج كانت بمكة وهذه السورة كلها مدنية ، فأما من قال إنها كانت ليلة المعراج
 قال : لما صعد النبي صلى الله عليه وسلم وبلغ في السماوات في مكان مرتفع ومعه جبريل حتى جاوز سدرة المنتهى.
 فقال له جبريل : إني لم أجاوز هذا الموضع ولم يؤمر بالمجاوزة أحد هذا الموضع غيرك فجاوز النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغ الموضع الذي شاء الله ، فأشار إليه جبريل بأن سلم على ربك ،
 فقال النبي صلى الله عليه وسلم : التحيات لله والصلوات والطيبات . قال الله تعالى : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون لأمته حظ في السلام
 فقال : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فقال جبريل وأهل السماوات كلهم : أشهد أن لا 

إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .




 قال الله تعالى :



آمن الرسول على معنى الشكر أي صدق الرسول بما أنزل إليه من ربه فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يشارك أمته في الكرامة والفضيلة
 فقال : والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله يعني يقولون آمنا بجميع الرسل ولا نكفر بأحد منهم ولا نفرق بينهم كما فرقت اليهود والنصارى ،
 فقال له ربه كيف قبولهم بآي الذي أنزلتها ؟ وهو قوله : إن تبدوا ما في أنفسكم
 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير يعني 
المرجع .

 فقال الله تعالى عند ذلك : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها يعني طاقتها ويقال : إلا دون طاقتها . لها ما كسبت من الخير وعليها ما اكتسبت من الشر ،
 فقال جبريل عند ذلك : سل تعطه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا يعني إن جهلنا أو أخطأنا يعني إن تعمدنا ، ويقال : إن عملنا بالنسيان ، والخطأ . فقال له جبريل : قد أعطيت ذلك قد رفع عن أمتك الخطأ والنسيان . فسل شيئا آخر فقال : ربنا ولا تحمل علينا إصرا يعني ثقلا كما حملته على الذين من قبلنا وهو أنه حرم عليهم الطيبات بظلمهم ، وكانوا إذا أذنبوا بالليل وجدوا ذلك مكتوبا على بابهم ، وكانت الصلوات عليهم خمسين ، فخفف الله عن هذه الأمة وحط عنهم بعدما فرض خمسين صلاة .

 ثم قال : ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به يقول : لا تثقلنا من العمل ما لا نطيق فتعذبنا . ويقال : ما تشق علينا ؛ لأنهم لو أمروا بخمسين صلاة لكانوا يطيقون ذلك ولكنه يشق عليهم ولا يطيقون الإدامة عليه واعف عنا من ذلك كله واغفر لنا وتجاوز عنا ،
 ويقال : واعف عنا من المسخ واغفر لنا من الخسف وارحمنا من القذف ؛ لأن الأمم الماضية بعضهم أصابهم المسخ وبعضهم أصابهم الخسف وبعضهم القذف ثم قال : أنت مولانا يعني : ولينا وحافظنا فانصرنا على القوم الكافرين فاستجيبت دعوته .


الكنز الأول


 عن أبي مسعود ، قال :
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
" من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه " .






الكنز الثاني

 عن أبي ذر ، قال
  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 " أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش ، لم يعطهن نبي قبلي " .


عن أبي ذر قال :

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 " أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش " .


الكنز الثالث


 عن الزبير بن عن عبد الله ، قال :
 لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهي به إلى سدرة المنتهى ، وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها ، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها ، قال : ( إذ يغشى السدرة ما يغشى )
، قال : فراش من ذهب . قال : وأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا : أعطي الصلوات الخمس ، وأعطي خواتيم سورة البقرة ، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات .


الكنز الرابع


 عن عقبة بن عامر الجهني قال
  قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 " اقرأ الآيتين من آخر سورة البقرة فإني أعطيتهما من تحت العرش " . 


الكنز الخامس


 عن حذيفة ، قال :
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 " فضلنا على الناس بثلاث ، أوتيت هؤلاء الآيات من آخر سورة البقرة من بيت كنز تحت  العرش ، لم يعطها أحد قبلي ، ولا يعطاها أحد بعدي " .






الكنز السادس


عن علي رضي الله عنه قال :
لا أرى أحدا عقل الإسلام ينام حتى يقرأ خواتيم سورة البقرة ، فإنها كنز أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم من تحت العرش .


وقال :

 ما أرى أحدا يعقل ، بلغه الإسلام ، ينام حتى يقرأ آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة ، فإنها من كنز تحت العرش .


الكنز السابع


 عن النعمان بن بشير ، 
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
 " إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام ، أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ، ولا يقرأن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان " .  


الكنز الثامن


 عن ابن عباس قال :
 كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ آخر سورة البقرة وآية الكرسي ضحك ، وقال : " إنهما من كنز الرحمن تحت العرش " . وإذا قرأ : ( من يعمل سوءا يجز به ) النساء  123  ، ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى )   ، استرجع واستكان .



الكنز  التاسع


 عن معقل بن يسار ، قال :
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة من تحت العرش ، والمفصل نافلة " .





الكنز العاشر  


 قد تقدم في فضائل الفاتحة ، عن ابن عباس قال :
بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل ; إذ سمع نقيضا فوقه ، فرفع جبريل بصره إلى السماء ، فقال : هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط . قال : فنزل منه ملك ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبشر بنورين قد أوتيتهما ، لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة ، لن تقرأ حرفا منهما إلا أوتيته ، 


الكنزالحادي عشر


 حدثنا أيفع بن عبد الله الكلاعي قال :
 قال رجل :
 يا رسول الله ، أي آية في كتاب الله أعظم ؟ قال : " آية الكرسي : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) قال : فأي آية في كتاب الله تحب أن تصيبك وأمتك ؟ قال : " آخر سورة البقرة ، ولم يترك خيرا في الدنيا والآخرة إلا اشتملت عليه "  .




فقوله تعالى :

( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه )

إخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .

عن قتادة ، قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت هذه الآية :

 " ويحق له أن يؤمن " .


بما أنزل إليه من ربه ؛ اقتصر عليه إيذانا بكفايته في الإيمان الإجمالي؛ المتحقق في كل فرد من أفراد المؤمنين؛ من غير نفي لزيادة؛ ضرورة اختلاف طبقاتهم؛ وتفاوت إيمانهم بالأمور المذكورة في مراتب التفصيل؛ تفاوتا فاحشا؛ فإن الإجمال في الحكاية لا يوجب الإجمال في المحكي؛ كيف لا.. وقد أجمل في حكاية إيمانه - عليه الصلاة والسلام - بما أنزل إليه من ربه؛ مع بداهة كونه متعلقا بتفاصيل ما فيه من الجلائل؛ والدقائق؟!(تفسير ابي السعود).


وقوله :

( والمؤمنون )

عطف على  الرسول  ثم أخبر عن الجميع فقال :
( كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله )
كل أي من الرسول والمؤمنين آمن بالله ويجوز أن يكون قوله : والمؤمنون مبتدأ، فالمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد ، فرد صمد ، لا إله غيره ، ولا رب سواه . ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء ، لا يفرقون بين أحد منهم ، فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ، بل الجميع عندهم صادقون بارون راشدون مهديون هادون إلى سبل الخير ، وإن كان بعضهم ينسخ شريعة بعض بإذن الله ، حتى نسخ الجميع بشرع محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين ، الذي تقوم الساعة على شريعته ، ولا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين .
وقوله : 

آمن بالله 

خبر المبتدأ الثاني ، وهو وخبره خبر المبتدأ الأول ، وأفرد الضمير في قوله : آمن بالله مع رجوعه إلى كل المؤمنين ، لما أن المراد بيان إيمان كل فرد منهم من غير اعتبار الاجتماع كما اعتبر ذلك في قوله تعالى : وكل أتوه داخرين .
قوله :

وملائكته

أي : من حيث كونهم عباده المكرمين المتوسطين بينه وبين أنبيائه في إنزال كتبه ، وقوله : وكتبه لأنها المشتملة على الشرائع التي تعبد بها عباده.


وقوله :

( وقالوا سمعنا وأطعنا )

أي : سمعنا قولك يا ربنا ، وفهمناه ، وقمنا به ، وامتثلنا العمل بمقتضاه ،

وقوله : 

وقالوا سمعنا وأطعنا 

هو معطوف على قوله : آمن وهو وإن كان للمفرد وهذا للجماعة فهو جائز نظرا إلى جانب المعنى ،
 أي أدركناه بأسماعنا وفهمناه وأطعنا ما فيه ، وقيل : معنى سمعنا : أجبنا دعوتك
( غفرانك ربنا )
سؤال للغفر والرحمة واللطف .
قوله : 
غفرانك مصدر منصوب بفعل مقدر ، أي اغفر غفرانك.

قاله الزجاج وغيره ، وقدم السمع والطاعة على طلب المغفرة لكون الوسيلة تتقدم على المتوسل إليه.


 عن ابن عباس في قول الله :
( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون ) إلى قوله  ( غفرانك ربنا ) قال :
قد غفرت لكم ، ( وإليك المصير ) أي : إليك المرجع والمآب يوم يقوم الحساب .



عن حكيم عن جابر قال : لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير )
قال جبريل :
إن الله قد أحسن الثناء عليك وعلى أمتك ، فسل تعطه . فسأل : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) إلى آخر الآية .
قوله : 

لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

 التكليف هو الأمر بما فيه مشقة وكلفة ، والوسع : الطاقة ، والوسع : ما يسع الإنسان ولا يضيق عليه.
أي : لا يكلف أحدا فوق طاقته ، وهذا من لطفه تعالى بخلقه ورأفته بهم وإحسانه إليهم ، وهذه هي الناسخة الرافعة لما كان أشفق منه الصحابة ، في قوله : ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله )
 أي : هو وإن حاسب وسأل لكن لا يعذب إلا بما يملك الشخص دفعه ، فأما ما لا يمكن دفعه من وسوسة النفس وحديثها ، فهذا لا يكلف به الإنسان ، وكراهية الوسوسة السيئة من الإيمان .



وقوله :

 لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت

 فيه ترغيب وترهيب ، أي لها ثواب ما كسبت من الخير ، وعليها وزر ما اكتسبت من الشر.
أي : من شر ، وذلك في الأعمال التي تدخل تحت التكليف ، ثم قال تعالى مرشدا عباده إلى سؤاله ، وقد تكفل لهم بالإجابة ، كما أرشدهم وعلمهم أن يقولوا :
( ربنا لا تؤاخذنا إن [ نسينا ] )
أي : إن تركنا فرضا على جهة النسيان ، أو فعلنا حراما كذلك ،
( أو أخطأنا )
 أي : الصواب في العمل ، جهلا منا بوجهه الشرعي .



وقد تقدم في صحيح مسلم لحديث أبي هريرة : " قال الله : نعم " ولحديث ابن عباس قال الله : " قد فعلت " .

عن ابن عباس قال :

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه " 
 عن أم الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تجاوز لأمتي عن ثلاث : عن الخطأ ، والنسيان ، والاستكراه " 




وقوله :

( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا )


أي : لا تكلفنا من الأعمال الشاقة وإن أطقناها ، كما شرعته للأمم الماضية قبلنا من الأغلال والآصار التي كانت عليهم ، التي بعثت نبيك محمدا صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة بوضعه في شرعه الذي أرسلته به ، من الدين الحنيف السهل السمح .


عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله : نعم " .




وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح ولا تحمل علينا إصرا قال : لا تمسخنا قردة وخنازير .



وأخرج ابن جرير ، عن ابن زيد في الآية قال : لا تحمل علينا ذنبا ليس فيه توبة ولا كفارة .


وقوله :

( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به )

أي : من التكليف والمصائب والبلاء ، لا تبتلينا بما لا قبل لنا به .


وقد قال مكحول في قوله : ( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) قال : الغربة والغلمة ، رواه ابن أبي حاتم ، " قال الله : نعم " وفي الحديث الآخر : " قال الله : قد فعلت " .

     لما نزلت ضج المؤمنون منها ضجة وقالوا : يا رسول الله ، هذا نتوب من عمل اليد والرجل  واللسان ،لا يكلف الله نفسا ،بهذه الآية نزل جبريل كيف  نتوب من الوسوسة ؟ كيف نمتنع منها ؟ فجاء انكم لا تستطيعون أن تمتنعوا من الوسوسة  الا وسعها. 

وأخرج ابن جرير ، عن السدي ما لا طاقة لنا به من التغليظ والأغلال التي كانت عليهم من التحريم .


أخرج ابن أبي حاتم عن مكحول ما لا طاقة لنا به قال : الغربة والغلمة والإنعاظ .

وقوله :

( واعف عنا )

أي : فيما بيننا وبينك مما تعلمه من تقصيرنا وزللنا ،
( واغفر لنا )
أي : فيما بيننا وبين عبادك ، فلا تظهرهم على مساوينا وأعمالنا القبيحة ،
( وارحمنا )
أي : فيما يستقبل ، فلا توقعنا بتوفيقك في ذنب آخر ، ولهذا قالوا : إن المذنب محتاج إلى ثلاثة أشياء : أن يعفو الله عنه فيما بينه وبينه ، وأن يستره عن عباده فلا يفضحه به بينهم ، وأن يعصمه فلا يوقعه في نظيره . وقد تقدم في الحديث أن الله قال : نعم . وفي الحديث الآخر : " قال الله : قد فعلت " .




فهذه الدعوات مقبولة من مجموع المؤمنين قطعا، ومن أفرادهم، إذا لم يمنع من ذلك مانع في الأفراد، وذلك أن الله رفع عنهم المؤاخذة في الخطأ والنسيان، وأن الله سهل عليهم شرعه غاية التسهيل، ولم يحملهم من المشاق والآصار والأغلال، ما حمله على من قبلهم، ولم يحملهم فوق طاقتهم، وقد غفر لهم ورحمهم، ونصرهم على القوم الكافرين.

فنسأل الله تعالى، بأسمائه وصفاته، وبما من به علينا من التزام دينه، أن يحقق لنا ذلك، وأن ينجز لنا ما وعدنا على لسان نبيه، وأن يصلح أحوال المؤمنين
وقوله :

 ( أنت مولانا )

أي : أنت ولينا وناصرنا ، وعليك توكلنا ، وأنت المستعان ، وعليك التكلان ، ولا حول ولا قوة لنا إلا بك.

( فانصرنا على القوم الكافرين )

أي : الذين جحدوا دينك ، وأنكروا وحدانيتك ، ورسالة نبيك ، وعبدوا غيرك ، وأشركوا معك من عبادك ، فانصرنا عليهم ، واجعل لنا العاقبة عليهم في الدنيا والآخرة ، قال الله : نعم . وفي الحديث الذي رواه مسلم ، عن ابن عباس : " قال الله : قد فعلت " .



أسباب النزول


وقيل سبب نزولها الآية التي قبلها وهي :
 لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير فإنه لما أنزل هذا على النبي صلى الله عليه وسلم اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب فقالوا :
أي رسول الله ، كلفنا من الأعمال ما نطيق : الصلاة والصيام والجهاد والصدقة ، وقد أنزل الله عليكم هذه الآية ولا نطيقها .
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير فقالوا : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير . فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم فأنزل الله في إثرها : آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير . فلما فعلوا ذلك نسخها الله ، فأنزل الله عز وجل : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قال : " نعم " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا قال : ( نعم ) ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به قال : ( نعم ) واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم 
الكافرين قال : ( نعم ) . 

"وفي هاتين الآيتين كل كلمة لها موضعها، ولها دورها، ولها دلالتها الضخمة. وهي قائمة في العبارة لتمثيل ما وراءها - وهو كبير - من حقائق العقيدة.. من طبيعة الإيمان في هذا الدين وخصائصه وجوانبه. ومن حال المؤمنين به مع ربهم، وتصورهم لما يريده - سبحانه - بهم، وبالتكاليف التي يفرضها عليهم. ومن التجائهم إلى كنفه واستسلامهم لمشيئته وارتكانهم إلى عونه.. نعم.. كل كلمة لها دورها الضخم. بصورة عجيبة. عجيبة حتى في نفس من عاش في ظلال القرآن، وعرف شيئا من أسرار التعبير فيه; وطالع هذه الأسرار في كل آية من آياته".(في ظلال القران).
صلي على النبي تربح

ليست هناك تعليقات